الخميس Mar 16 2023 15:10
0 دقيقة
الخوف من فوات الأوان ؟
على الرغم من أن اسم "كريدي سويس" يبدو اسمًا فرنسيًا، إلا أن بنوك "سويس" في حقيقتها هي بنوك ألمانية في عقليتها ولغتها. وقال البنك الوطني السويسري يوم أمس أنه سيوفر سيولة لـ "كريدي سويس" "إن تطلب الأمر". وكان لدى البنك خوفًا من فوات الأوان. وقد كان هذا المطلب فوريًا: قال بنك كريدي سويس أنه سيقترض ما يصل إلى 50 مليار فرنك سويسري ويقوم بإعادة شراء ما قيمته 3 مليار دولار أمريكي من الديون الكبيرة. وقد قال رئيس مجلس الإدارة "أكسيل ليمان" مسبقًا أن مساعدة الدولة تلك لن تكون ذات أهمية. وبالتالي قد تشعر بنبرة مثقلة بالهموم عندما قال كريدي سويس في بيان له يوم أمس أن البنك كان "يتخذ إجراءات حاسمة لتعزيز السيولة بشكل استباقي". والأكثر من هذا عندما ذكّر البنك السوق بأن معدل رأس المال العادي من المستوى الأول عند 14.1% ومعدل غطاء السيولة عند 144% قد تحسن الآن إلى 150%. وقد صرّح بنك كريدي سويس بأنه اتخذ موقفًا ضد مخاطر أسعار الفائدة.
وكما قال محللي "باركليز" :" يمكن أن تتحول أزمات الثقة إلى قضايا تتعلق بالملاءة المالية. فهل ضخ السيولة كافي لإصلاح الوضع؟ كانت الأسهم قد ارتفعت في البورصة الأمريكية بعد بيان "SNB"، مما دفع السهم المدرج في بورصة نيويورك إلى 2.16 دولار أمريكي، مرتفعًا بحدة من سعر الافتتاح عند 1.76 دولار أمريكي، إلا أن لا يزال على انخفاض بنسبة 14%.
بعد قرار البنك باقتراض 50 مليار فرنك سويسري، ارتفعت أسهم كريدي سويس بنسبة 20-40% في جلسة تداول على درجة عالية من التذبذب عند الافتتاح، وارتفعت السندات. وبعد 30 دقيقة، ارتفعت الأسعار بنسبة 23% تقريبًا وكانت هناك الكثير من الحركة. وقد تراجعت مقايضات العجز الائتماني لخمس سنوات بمقدار 128 نقطة أساس بالمقارنة مع إغلاق يوم الأربعاء. ويحتفظ بنك جي بي مورجان بالمعدل المرجح مع كريدي سويس، ويقول أن الدعم سيوفر له الوقت لإعادة الهيكلة.
ولا نعلم إذا من ستحتفظ أسهم كريدي سويس بهذه الارتفاعات او إذا ما ستكون هذه الارتفاعات كافية للتقليل من مستويات التذبذب في السوق على نطاق أوسع. وقد أفادت البي بي سي أن رئيس مجلس الإدارة طلب من فريق العمل التركيز على الحقائق، والالتزام بخطط تسيير الأعمال، والاستمرار في الإصلاح. وأرى من وجهة نظري أنه حالما يصل الامر لأن يقول البنك المركزي بأنه سيوفر السيولة، فإن هذا يعني فشل الخطة، ولكننا لسنا في عام 2008 كما ان بورصة سويسرا ليست وول ستريت أو بورصة لندن. فاليوم نجد أن التمويل أفضل. إذن ماذا بعد؟ يعتمد الأمر على ما الذي يتسبب في المشكلة – من أحد تلك الأسباب التدفقات الهائلة. فهل يتوقف ذلك ام ينعكس؟ كيف تبدو هذه التدفقات- كانت التدفقات في الربع الرابع ضخمة للغاية، حيث بلغت 110.5 مليار فرنك سويسري في الربع الرابع، مما دفع تدفقات الأصول السنوية لعام 2022 إلى 123.2 مليار فرنك سويسري. وكان الوضع أسوأ بالتأكيد الأسبوع الماضي.
" Waldeinsamkeit" هو مصطلح ألماني قد يتعلق بكريدي سويس، ومعناه باللغة العربية الشعور بالعزلة في الغابة. والسؤال هنا: بعد التدخل، هل يخرج كريدي سويس من الغابة أم سيظل هناك شعور بين المستثمرين وأصحاب الإيداعات بالحاجة إلى بيت ثاني – رغبة في الهروب.
الأسواق
ارتفعت أسعار أسهم البنوك الأوروبية مع ارتفاع أسهم كبرى البنوك بنسبة تتراوح بين 2-4%. وارتفع مؤشر الأسهم المصرفية FTSE 350 بنسبة 3% في بداية التداولات. وارتفع سهم UniCredit بنسبة 4%، وسهم UBS بنسبة 4.5%. إلا أن أسهم هذه البنوك استمرت في الانخفاض الحاد خلال الأسبوع الماضي: انخفض سهم UBS بنسبة 7%، و UniCredit بنسبة 10%، و HSBC بنسبة 9%، و Standard Chartered بنسبة 13%.
كما حصلت المؤشرات الاوسع نطاقًا على بعض الدعم، حيث ارتفعت الأسعار في بورصة فرانكفورت وبورصة باريس وبورصة لندن بما يزيد عن 1% في بدالية التداولات، إلا أن هذا لم يعوض انخفاضات يوم أمس بنسبة 3-4%. وارتفع مؤشر FTSE 100 بما يزيد عن 100 نقطة أساس او بنسبة 1.4% تقريبًا، إلا أنه لا يزال تحت مستوى 7450، وتخلى عن ارتفاعاته. وبعد هذا الضغط الهابط الحاد يوم أمس، كانت ارتفاعات صباح اليوم مخيبة للآمال تمامًا – كما أنه لا يبدو انها ستتحسن في وقت لاحق، وهناك الكثير من الأمور التي تعتمد على الثقة في كريدي سويس والبنك المركزي الأوروبي في وقت لاحق.
أغلقت البورصة الامريكية على انخفاض حاد يوم أمس، إلا انها ارتدت عن ادنى المستويات، وحقق مؤشر ناسداك المركب أقل الارتفاعات مع تراجع عوائد السندات. ويبدو أن العقود المستقبلية ترتفع مع نغمة حركة إيجابية في أوروبا. وعلى الرغم من أن مؤشرات المصارف المحلية كانت أضعف إلا أن الخسائر كانت محدودة. تراجع جي بي مورجان بنسبة 5%.
ارتفعت عوائد السندات قليلاً، حيث ارتفعت عوائد السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات بنسبة 3.50%، بعد ان سجل يوم أمس مستوى 3.390% ، بينما كانت عوائد السندات لأجل عامين حول مستوى 4.0%، متراجعة من 4.40% إلى أدنى مستوى عند 3.70% يوم أمس. وكان هناك إعادة تقييم لمدة رفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي من البنوك المركزية.
أدت التدفقات المالية إلى الأصول ذات المخاطر العالية إلى دفع الدولار الأمريكي للأسفل، مع اختبار العقود المستقبلية لمؤشر الدولار لمستوى الدعم 104 ويندفع قليلاً للأسفل. وارتفعت أسعار النفط الخام، مع ارتفاع العقود المستقبلية لخام تكساس الوسيط لشهر أبريل إلى 68 دولار من 65 دولار الذي كان عليه يوم أمس. وتراجعت أسعار الذهب عن اعلى المستويات إلا ان العرض مستمر عند 1921 دولار أمريكي.
SVB
يسوّق بنك SVB (سيليكون فالي) نفسه الآن بأنه المكان الوحيد الأكثر امانًا للحفاظ على الإيداعات أو تحويلها (والمؤمنة بالكامل وبدون أي قيود او حد أقصى). وفي مكالمة جماعية ، قال " Mayopoulos " الرئيس التنفيذي الجديد للبنك: "لا يوجد مكان أكثر أمانًا من النظام المصرفي الأمريكي لتضع إيداعاتك فيه". وعلى الرغم من أننا اعتقد انه لا يمكن إصلاح الوضع، ولكن قد تكون له وجهة نظر.
البنك المركزي الأوروبي
يجتمع البنك المركزي الأوروبي اليوم. ويعتبر هذا هو الحدث الأساسي لأنه سيكون دليلاً على الكيفية التي يرى بها البنك المركزي الوضع، ليس فقط فيما يتعلق بكريدي سويس وإنما فيما يتعلق بالتداعيات الأوسع نطاقًا للبنوك والتضخم والاقتصاد. ويبدو أن رفع سعر الفائدة بنسبة 50 نقطة أساس أمرًا ليس محتمل – وإنما من المحتمل رفع سعر الفائدة بنسبة 25 نقطة أساس ليقول البنك: أننا ندرك أن رفع أسعار الفائدة مشكلة، ولكننا لن نشعر بالذكر ونتوقف عن الرفع". وبالتالي فإن المشكلة بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي: إن قرر البنك رفع الفائدة بنسبة 50 نقطة أساس كما أرشد البنك منذ أيام، فسوف يبحث الجميع بعدها عن سبب هذا الخطأ.